موضوع: اعلموا أني فاطمة الجمعة أغسطس 22, 2008 5:48 pm
اعلموا أني فاطمة... من أنا لأكتب عن شخصية كفاطمة الزهراء عليها السلام ولست بمستوى تراب نعلها ؟ ولكني قلت في نفسي هي كريمة وابنة المكارم وسوف تقبل المساهمة على قدري بأن اكتب صفحات موجزة عن حياتها ومظلوميتها وبطولتها وإيمانها وعبادتها، علّ الله سبحانه وتعالى يكتبني في زمرة الذين تشفع لهم فاطمة الزهراء عليها السلام يوم القيامة وتدخلهم الجنة. فجعلت أسطر أوراقا قليلة في شأنها مع العلم بأنها من تلك الشجرة الزيتونة التي يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار، نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء. فهي كالشمس لا تحتاج الى التعريف ولكن نحن من يحتاج إليها وإلى معرفتها وشفاعتها ونحن من يرتقي في الجنان بحبها وكلما كان الحب اكثر كانت الدرجات أعلى وكلما كانت المعرفة بها اكثر زادت معرفتنا بالله أكثر ولكن أنّى لنا حقيقة معرفتها. قال الإمام الصادق عليه السلام: إنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها. فإن شربت كأس معرفتها فسوف يبرد قلبك بحلاوة حبها ولا يزول عنه إذا أبداً وإن صار كذلك فسوف تحظى بالحديث القدسي الذي يقول: يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السموات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك في النار. وكما يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام: إنما سميت فاطمة لأن الله فطم من أحبها عن النار.
ولكن يا ترى لماذا فازت الزهراء بتلك المنزلة الرفيعة ؟ أفلأنَّها كانت من أوائل الناس الذين آمنوا بالله سبحانه وتعالى في عالم الذر عندما خاطب سبحانه وتعالى الخلق: ألست بربكم قالوا بلى. فهي كانت من بعد أبيها وزوجها صلوات الله عليهم قد أجابت بقولها (بلى) وأقرت بالله تعالى، ولأن الله سبحانه وتعالى كان لديه العلم المسبق بذلك وكان يعرف مدى قوة إيمانهم فجعلهم لذلك بعرشه محدقين ليسبحون بجمده وينزهونه سبحانه وتعالى حتى من الله علينا بهم. فالزهراء عليها السلام من العترة الطاهرة بل وأم العترة الطاهرة عليهم السلام، الذي يقول الله سبحانه وتعالى في حقهم: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. فهي سلام الله عليها معصومة من كل زلل وخطأ ومن كل دنس ورجس. وهي سلام الله عليها الحجة على الأئمة كما يقول الإمام المعصوم عليه السلام: نحن حجة الله على الخلق وفاطمة حجة علينا.
والله سبحانه وتعالى يقول مخاطبا النبي: يا محمد لولاك لما خلقت الأفلاك ولو لا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما.
فهي سلام الله عليها أم أبيها وهي سلام الله عليها حوراء إنسية لأنها خلقت من تفاحة الجنة التي أتى جبرائيل عليه السلام بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي عين الله ووجهه الذي يتوجه إليه الأولياء. ورضاها رضا الله وسخطها سخط الله أي أن من أرضاها فقد أرضى الله تعالى ومن أسخطها فقد أسخط الله تعالى.
ففاطمة سلام الله عليها ليست كباقي النساء بل هي قدوة وأسوة لهم ولنا، فهي التي علمتنا كيف يجب علينا أن ندافع عن حريم الإمامة فعندما غصبوا حقها وحق الإمام ذهبت إلى المسجد تمشي وهي تطأ ذيولها ما تخلوا مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبدأت بخطبتها الفاطمية فأثنت على الله إلى أن وصلت إلى قولها عليها السلام: :
أيها الناس اعلموا أني فاطمة وأبي محمد أقول عوداً وبدءاً، ولا أقول ما أقول غلطا، ولا أفعل ما أفعل شططا لقد جاءكم رسول من أنفُسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.
فإن تعزُوهُ وتعرفوه، تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا أبن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزى إليه صلى الله عليه وآله.
فبلغ الرسالة، صادعا بالنذارة، مائلا عن مدرجة المشركين، ضاربا ثَبَجَهُم، آخذاً بأكظامِهِمْ، داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يَجُفُّ الأصنام وينكث الهام، حتى انهزم الجمع وولَّوا الدبر.
حتى تَفَرَّى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وطاح وشيظ النفاق، وانحلت عُقَدُ الكُفر والشقاق، وفهتم بكلِمَةِ الإخلاص في نفر من البيض الخماص.
وكنتم على شَفَا حُفْرَةٍ من النار، مذقة الشارب ونُهْزَةَ الطامع، وقُبْسَةَ العجلان، وموطئ الأقدام تشربون الطرق، وتقتاتون القد أذلةً خاسئين، تخافون أن يتخطَفَكُم النّاس من حولكم فأنقذكم الله تباركَ وتعالى بمحمد صلى الله عليه وآله، بعد اللتيا والتي، وبعد أن مُنِيَ ببهم الرجال وذئبان العرب، ومردة أهل اَلكتاب.
كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، أو نجم قرن الشيطان، أو فغرت فاغرة من المشركين، قذف أخاهُ في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمَصِهِ، ويخمد لهبها بسيفه، مَكدوداً في ذات الله، مجتهداً في أمر الله، قريبا من رسول الله، سيداً في أولياء الله، مشمراً ناصحا، مجداً كادحا، لا تأخذه في الله لومة لائم.
وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون، تتربصون بنا الدوائر وتتوكفون الاخبار، وتنكصون عند النزال، وتفرون من القتال.
فلما اختار الله لنبيه (صلى الله عليه وآله) دار أنبيائه، ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حَسْكَةُ النفاق، وسَمَلَ جِلْبَابُ الدِّين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وَهَدَرَ فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، واطلَعَ الشيطان رأسه من مغرزه، هاتفا بكم فألفَاكم لدعوته مستجيبين، ولِلْغِرَّةِ فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خِفَافاً، واحمشكم فألفَاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، ووردتم غير مشربكم.
هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، اِبْتِداراً زعمتم خوت الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين.
فهيهات منكم، وكيف بكم، وأنى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم، اموره ظاهرة، واحكامه زاهرة، واعلامه باهرة، وزواجره لايحة، وأوامره واضحة، وقد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون ؟ أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدل، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلَن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.
ثم لم تلبثوا إلى ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها، ثم اخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان اَلغوىِّ، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإهمال سنن النبي الصفي، تُسِرُّونَ حَسْواً في ارتغاء، وتمشون لاهله وولده في الخمرة والضراء، ويصير منكم على مثل حز المدى، ووخز السنان في الحشا.
وأنتم الآن تزعمون: ان لا إرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون ؟ ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون، أفلا تعلمون ؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية: أني ابنته.
أيها المسلمون ! أاُغلب على إرثي ؟ يابن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي ؟ لقد جئت شيئاً فريا، أفعلى عَمْدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهورِكم، إذ يقول ((وورِث سليمان داوُد))، وقال: فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال: ((فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب)) وقال: (( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)) وقال: ((يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)) وقال: ((إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا علَى المتقين)).
وزعمتم أن لا حظوة لي، ولا أرث من أبي، ولا رحم بيننا، افخصَّكم الله بآية اخرج أبي منها؟ أم هل تقولون: إن أهل ملتين لا يتوارثان ؟ أوَ لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟ أم أنتم اعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي ؟ فَدُونَكَهَا مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك.
فنعم الحكم الله، والزعيم محمد (صلى الله عليه وآله)، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولا ينفعكم إذ تندمون، ولكل نبأٍ مستقر، ولسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم.
ثم رمت بطرفها نحو الأنصار وقالت:
يا معشر النقيبة واعضاد الملة وحضنة الإسلام، ما هذه الغميزة في حقي والسنة عن ظلامتي ؟ أما كان رسول الله صلَى الله عليه وآله أبي يقول: (المرء يحفظ في ولده ؟)، سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهَالَةٍ، ولكم طاقة بما أُحاوِلُ، وقوَّة على ما أطلب وأُزاول.
أتقولون مات محمد (صلى الله على وآله) ؟ فخطب جليل استوسع وهنه، واستنهره فتقه، وانفتق رتقه، واظلمت الأرض لغيبته، وكسفت الشمس والقمر، وانتثرت النجوم لمصيبته، واكدت الآمال، وخشعت الجبال، واضيع الحريم، وازيلت الحرمة عند مماته.
فتلك والله النازلة الكبرى، والمصيبة العظمى، لا مثلها نازلة، ولا بَائِقَةٌ عاجلة، اعلن بها كتاب الله جل ثناؤه في افنيتكم، وفي ممساكم ومصبحكم، يهتف في افنيتكم هتافا، وصراخا، وتلاوةً، والحانا، ولقبله ما حل بأنبياء الله ورسله حكم فصل، وقضاء حتم ((وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين)).
ايهاً بني قيلة ءاهضم تراث أبي ؟ وانتم بمرأى مني ومسمع، ومنتدى ومجمع، تلبسكم الدعوة وتشملكم الخبرة، وانتم ذوو العدد والعدّة، والأداة والقوّة وعندكم السلاح والجنة، توافيكم الدعوة فلا تجيبون، وتاتيكم الصرخة فلا تغيثون،وأنتم موصوفون بالكفاح، معروفون بالخير والصلاح، والنخبة التي انتخبت، والخيرة التي اختيرت لنا اهل البيت.
قاتلتم العرب، وتحملتم الكد والتعب، وناطحتم الأمم، وكافحتم البهم، لا نبرح أو تبرحون، نأمركم فتأتمرون، حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام، ودر حلب الايام، وخضعت ثعرة الشرك، وسكنت فورة الإفك، وخمدت نيران الكفر، وهدات دعوة الهرج، واستوسق نظام الدين، فأنى حزتم بعد البيان ؟ واسررتم بعد الاعلان ونكصتم بعد الإقدام ؟ واشركتم بعد الإيمان ؟.
بؤساً لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم، وهموا بإخراج الرسول، وهم بداؤكم أول مرة، أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين. ألا وقد ارى أن قد اخلدتم إلى الخفض وابعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة ونجوتم بالضيق من السعة، فمججتم ما وعبتم، ودسعتم، الذي تسوغتم فإن تكفروا انتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد.
ألا وقد قلت ما قلت هذا على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم،والغدرة التي استشعرتها قلوبكم،ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وحوز القناة، وبثة الصدر، وتقدمة الحجة، فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر، نقبة الخف باقية العار، موسومة بغضب الجبار، وشنار الابد، موصولة بنار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة.
فبعين الله ما تفعلون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون. وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد فاعملوا إنا عاملون، وانتظروا إنا منتظرون....
فجوابها أبو بكر فقالت سلام الله عليها: سبحان الله ما كان أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن كتاب الله صادفا ولا لأحكامه مخالفا ! بل كان يتبع أثره، ويقفو سوره، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور، هذا كتاب الله حكما عدلاً، وناطقا فصلا يقول ((يرثني ويرث من آل يعقوب)) ويقول ((وورِثَ سليمان داوُد)) وبين عز وجل فيما وزع من الأقساط، وشرع من الفرائض والميراث، وأباح من حظ الذكران والإناث ما في الغابرين كلا بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
فقال أبو بكر: صدق الله ورسوله وصدقت ابنته، أنت معدن الحكمة، وموطن الهدى والرحمة، وركن الدين، وعين الحجة، لا أبعد صوابك، ولا أُنكر خطابك، هؤلاء المسلمون بيني وبينك، قلَدوني ما تقلدت، وباتفاق منهم أخذت ما اخذت غير مكابر ولا مستبد، ولا مستأثر، وهم بذلك شهود.
فالتفت فاطمة عليها السلام إلى الناس وقالت: معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل، المغضية على الفعل القبيح الخاسر، افلا تتدبرون القرآن أم على قلوب اقفَالُها ؟ كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من اعمالكم، فأخذ بسمعكم أبصاركم، ولبئس ما تأوَّلتم، وساء ما به أشرتم، وشر ما منه اِعْتَضْتُمْ،لتجدن والله مَحْمِلَهُ ثقيلا، وَغِبَّهُ وبيلا، إذا كُشف لكم الغطاء، وبان ما ورائه الضراء، وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون، وخسر هنالك المبطلون.
فهكذا الزهراء عليها السلام تطالب بحقها وتدافع عن زوجها حتى أنها سلام الله عليها عندما أتوا إلى بيت أمير المؤمنين ليجبروه على البيعة، خرجت فاطمة فوقفت من وراء الباب، فقالت أيها الضالون المكذبون ماذا تقولون وأي شيء تريدون ؟
فقال عمر: يا فاطمة.
فقالت فاطمة: ما تشاء يا عمر ؟!
فقال عمر: ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب ؟
فقال عليها السلام: طغيانك يا شقي أخرجني وألزمك الحجة وكل ضالٍ غوي.
فقال عمر: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء وقولي لعلي يخرج.
فقالت: لا حب ولا كرامة أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر وكان حزب الشيطان ضعيفا.
فقال عمر: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها ناراً على أهل هذا البيت وأحرق من فيه أو يقاد علي إلى البيعة.
وأخذ عمر سوط قنفذ وضرب. وقال لخالد بن وليد: أنت ورجالنا هلموا في جمع الحطب فقال عمر: إني مضرمها.
فقالت عليها السلام: يا عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين فضربت سلام الله عليها يديها على الباب تمنعنه من فتحه فرامه عمر فتصعب عليه فضرب عند إذ كفيها بالسوط فآلمها فسمع لها زفيراً وبكاءً، فركل الباب وقد ألصقت الزهراء أحشائها بالباب تترسه فنادت: يا أبتاه يا رسول الله هكذا كان يفعل بحبيبتك وابنتك آه يا فضة إليك فخذيني فقد قتل ما في أحشائي من حمل.
فدفع عمر الباب ودخل فأقبلت إليه الزهراء سلام الله عليها فصفقها صفقةً على خديها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها وتناثر إلى الأرض.
فبعد ذلك أخرجوا علياً ملبباً إلى المسجد وخرجت وراءهم الزهراء منادية لا أدعكم تجرون ابن عمي ظلماً وأمر عمر قنفذ ليضربها بالسوط ففعل اللعين ذلك.
فلقد علمتنا الزهراء بمواقفها تلك واجبنا تجاه الدين الحنيف ومن يمثله من العترة الطاهرة فقد فدت بنفسها وولدها من أجل إعلاء كلمة الحق. وعندما قرب موعد رحيلها من هذه الدنيا الدنية إلى بارئها راضية مرضية نادت علياً عليه السلام وقالت له: يا ابن عم ما عهدتني كاذبةٌ ولا خائنة، ولا خالفتك منذ عاشرتني.
فقال علي عليه السلام: معاذ الله أنتي أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله من أن أوبخك بمخالفتي وقد عز علي مفارقتك وفقدك إلا أنه أمرٌ لا بد منه، والله لقد جددت علي مصيبة رسول الله وقد عظم وفـاتك وفقدك فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضها وأحزنها هذه مصيبة لا عزاء منها ورزية لا خلف لها.
إلى أن قالت: أوصيك أن لا يشهد أحدٌ جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني فإنهم عدوي وعدو رسول الله ولا تترك أن يصلي علي أحدٌ منهم ولا من اتباعهم وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار.
فسلام عليك يا سيدتي يوم ولدت ويوم استشهدت مظلومة مغصوبة حقك ويوم تبعثين لتأخذين الثأر ممن ظلمك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.